Thursday, March 18, 2010

ايوركا ايوركا

قالها أرشميدس منذ أكثر من ألفي عام و هي كلمة يونانية تعني وجدتها وجدتها و ذلك عندما إكتشف قانون الطفو و هو يستحم فخرج عارياً من بيته يقول أيوركا أيوركا. أقولها أنا اليوم لأني أعتقد اني اكتشفت شيئاً جديداً كنت في حيرة من أمره لفترة طويلة.

كنت أتساءل دائماً في كل زيارة سابقة لألمانيا، هل هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى و الثانية و تدميرها بالكامل هي السبب الرئيسي بظهور ألمانيا كقوة صناعية و إقتصادية جبارة في الوقت الحاضر؟! ما زاد من حيرتي انني وجدت أمثلة مشابهة لحالة ألمانيا، يوجد أيضاً اليابان التي لم تنهض إلى عندما ضربت بالقنبلة الذرية بجانب أمريكا نفسها التي لم تصنع الحضارة إلا عندما تم شبه قضاء كامل على سكانها الأصليون الهنود الحمر. هل يعني ذلك أنه لكي تصبح قوة كبرى في العالم لابد أن تبني الدولة على أنقاض الماضي ؟! في معظم الأحوال يبدو ذلك صحيحاً حيث أن الدمار الهائل يبث في نفس الشعوب الحماس و الهمم للبناء. بدأت أسمع أصوات تقول لي " ماشي عايز توصل لإيه " إنتظر معي قليلاً .

يبدو أن هذه العلاقة بين الدمار و إعادة التعمير قد اكتشفته حكومتنا الموقرة، لذلك قررت تدمير البلد نهائياً حتى يتثنى لنا الوقوف جنباً إلى جنب مع الدول الكبرى.

الطريف في الموضوع أن الحكومة لا تستخدم آليات عسكرية أو حربية ( باعتبار جيش الأمن المركزي قوات لحفظ الأمن فقط) لتنفيذ هذا المخطط المرسوم، أرى بعض العيون لا تصدق ما أقوله، سأثبت ذلك بواقعتين، الواقعة الأولى هو ما حدث في مصر من حوالي ثلاثة اسابيع من أمطار غزيرة عمت كل ارجاء البلاد لمدة ثلاثة ساعات، كانت النتيجة شبه غرق في جميع المحافظات بما فيها العاصمة و إنقطاع للكهرباء و توقف وسائل المواصلات و انقطاع سبل الإتصال، كل هذا حدث لعدم وجود بلعت في الشوارع لاستيعاب  كميات المياه. ألم يكن ذلك نتيجة قصور واضح في البنية التحتية للبلاد؟! إهمال البنية التحتية يعني شلل كامل لأي حركة أو تطوير من أي نوع مما يثبت ما أقوله أن الغرض هو التدمير حتى نعيش حياة هنية كما اعلنها بعض المسئولين أن مصر ستعيش أزهى العصور( المقصود بها مرحلة ما بعد التدمير).

الواقعة الثانية هو تلوث مياه الشرب بقرية البرادعة لاختلاطها بمياة الصرف الصحي، حكمت المحكمة منذ بضعة أيام ببراءة المتهمين التسعة في القضية و اعلان أن المتسبب في الحادث هم أهل القرية لإقامتهم الجسور و المواسير التي كانت السبب الرئيسي فيما حدث. تلك الواقعة تثبت نقطة ثانية و هي أن التدمير ليس مقصوراً على البنية التحتية و انما أيضاً على الناس "البيئة" التي تسكن في القرى و يتسببون في التضخم السكاني فمع التخلص منهم لن يتبقى في المجتمع سوى "الهاي كلاس" الذين يستطيعون بناء بلد نظيفة على أحدث صيحات الموضة.

  شجرة ضخمة متشابكة الأغصان و الأفرع و جذورها ممتدة في الأرض إلى مدى لا تستطيع تقديره إلى بالحفر في باطنها. هذه الشجرة كانت في يوم من الأيام تلقي بظلالها على كل من حولها و لكن مع تقدم الزمن أصبحت الشجرة غصونها خاوية من الثمار و الأوراق فاصبح الطريق كله عارياً تماماً و متعرضاً لاشعة الشمس الضارة، في نفس الوقت هذه الشجرة بسبب ضخامة حجمها تعوق المشي و المسيرة في الطريق. فهل يمكن قطع هذه الشجرة من جذورها حتى يفتح الطريق العام و نستطيع بناء شجر أخر إن كان أصغر حجماً و لكنه يستطيع حماية الناس من أشعة الشمس.

إن حدث ذلك يمكن القول حقاً أن الدول الكبرى لا تبنى إلى على أطلال الماضي أو بمعنى أخر جبال النجاح لا تبنى إلا على اودية الفشل.

سؤال أخير هل عرفتم هوية الشجرة؟ 

Sunday, March 7, 2010

حدث في مثل هذا الشهر

سرعة الحياه و السعي وراء الارزاق يجعلنا في بعض  الأوقات ننسى أو نتناسى بعض الأحداث و التواريخ التي - إن صح القول- سطرت تاريخنا الحديث. شهر مارس يحتوي على بعض من هذه الأحدث التي يجب أن  نتذكرها كل يوم و الوقوف  أمامها لنتعرف إلى أين وصلنا و في أي إتجاه نسير و ماذا اضافت لنا هذه الأحداث.

يوم السادس و العشرون من مارس عام ١٩٧٩ تم توقيع معاهدة السلام بين مصر و اسرائيل بعد أكثر من ثلاثين عام من الحروب و المنازعات و التي بتفعيلها تم تطبيع العلاقات بين البلدين.  أيضاً في شهر مارس عام ٢٠٠٣ و بالتحديد في يوم  العشرون، بدأ الغزو الأمريكي البريطاني على العراق و الذي أدى في النهاية إلى سقوط بغداد يوم التاسع من ابريل من نفس العام و إحتلال القوات المريكية للعراق إلى يومنا هذا. هل يوجد علاقة تربط بين الحدثين من قريب أو بعيد؟! و إن وجدت ما هي هذه العلاقة و ما نتائجها؟

معاهدة السلام التي تلت إتفاق كامب ديفيد و زيارة السادات للقدس كانت منحنى جديد و خطير في العلاقة المصرية الاسرائلية من ناحية و علاقة مصر ببقية العرب من ناحية أخرى، دون الخوض في بنود المعاهدة و تفاصيلها فأنا هنا لست بصدد تحليل ما جرى عام ١٩٧٩ و لكني أنظر إلى ما جناه مصر و و المصريون بعد اثنتان وثلاثون عاماً من توقيع المعاهدة. تمت المعاهدة و حل السلام على البلاد وصفه البعض بأنه سلام منقوص حيث إنه دون سيادة كاملة على سيناء على حد قولهم  و لكنه في نهاية المطاف كانت هذه بداية لفترة جديدة تخلو من الحروب. وصلت الوعود و الآمال إلى عنان السماء من تنمية إقتصادية و سياسية في البلاد حيث أن بانتهاء الحروب توجهه موارد الدولة كلها للتنمية و لكن ماذا حدث ؟ سقطت مصر تماماً في يد الأمريكان الذين وصفهم السادات بأن لديهم ٩٩٪ من حلول قضية الشرق الأوسط، اعتمدنا على خبراء اسرائليين في الزراعة إلى أن زادت المواد المسرطنة في كل المحاصيل الزراعية و إنتهت أسطورة القطن المصري طويل التيلة ، صدرنا الغاز الطبيعي لاسرائيل بربع الثمن برغم من العجز المتراكم في الميزانية المصرية بجانب تصارع المصريين على أنبوبة البوتجاز كل عام بجانب أن معاهدة السلام لا تنص على ذلك مما يعني وجود إتفاقيات اخرى بين الجانبين لا نعلم عنها شيئاً. لقد كشف جهاز المخابرات الامريكي ال سى أي ايه منذ عامين عن وثيقة سرية تنص على أن السادات كان مستاءاً جداً من عدم تنفيذ الأمريكان و الإسرائليون لوعودهم له و إنه سوف يضرب بمعاهدة السلام عرض الحائط بمجرد إنسحاب إسرائيل من سيناء عام ١٩٨٢ و لكن اغتياله حل دون ذلك و التقرير نشر و في جريدة الشرق الأوسط. هذا يعني أن السادات كان نادماً على ما قدمه من تنازلات في هذه المعاهدة. الشق الأمني في المعاهدة ينص على جواز تعديله بعض مرور ٢٥ عاماً من التوقيع مما قد يسمح بعودة السيادة المصرية الكاملة على سيناء و لكن مع الأسف حكومة مبارك لم تكترث بذلك بل زادت حيز التنازلات و الإذلال التام لإسرائيل. ما أود قوله هو إنه منذ معاهدة السلام لم تتحقق التنمية المنشودة بل سقطت مصر حكومة و شعب تدريجياً تحت السيطرة الأمريكية الإسرائيلية و مع إستمرار هذا الوضع هذا يعني إعلان سقوط القاهرة سياسياً لأنه ببساطة قرارنا السياسي ليس مستقلاً و لكنه تحت تأثير القوى الخارجية.

إن غزو العراق و سقوط بغداد يعد من أبشع الجرائم في التاريخ الحديث إن لم يكن الابشع على الإطلاق. إذا كانت مصر هي قلب العالم العربي فالعراق كانت الرئتان التي تنفس عن الشعوب العربية عندما يضيق بها المشرق و المغرب العربي فماذا تنتظر من أمة طعن قلبها و توقف الأكسيجين عن رئتيها؟!

سقطت القاهرة سياسياً و بغداد عسكرياً و حوصرت دمشق إقتصادياً ماذا تبقى لنا مجرد رماد و أطلال، تم إحكام القبضة و لا مفر غير ثورة التصحيح و الإيمان أن التغيير لا يأتي في يوم و ليلة و لكنه يحتاج إلى تضافر الجهود حتى نصل للأمل المنشود.

في النهاية أود أن اطلب من كل من يقرأ هذا المقال أن يتوقف قليلاً أمام هذه التواريخ ٢٦-٣-١٩٧٩ و ٢٠-٣-٢٠٠٣ و يفكر ماذا حدث لنا و ماذا جنينا من كل هذا لا أريد أسباباً لم حدث فيجب عدم البكاء على اللبن المسكوب و لكن نظرة بسيطة على النتائج المترتبة حتى لا تتكرر أخطاء الماضي في المستقبل مرة اخرى.