Thursday, March 10, 2011

تفاوت فكري علي هامش الثورة

اثبتت الثورة المصرية مدى الإضمحلال الفكري الذي كنا نعيش فيه في عصر الرئيس المخلوع، مثل ما فاجأنا هذا الوعي و النضج السياسي لدى الكثير من الأفراد، صعقتنا هذه الرجعية و ضيق الافق الذي يتمتع به آخرون. وصل المستوى الثقافي لدى قطاع كبير من الشعب إلى أدنى مستوياته و للاسف هذا ما يعتمد عليه  الآن فلول و أذناب النظام البائد، يعتمدون على مخاطبة هذه العقول قليلة الحيلة لكسبها لصفهم، تارة باللعب على الوتر العاطفي و تارة بالترهيب و الترويع. كلما مرت الأيام على قيام الثورة زادت الفجوة إتساعاً بين من يملكون رؤى و فكر و بين من لا يملكون سوى الجعجعة.

أمام هذا الحدث الثوري العظيم ، إستخدم كل فرد ما لديه من مخزون ثقافي و فكري في كيفية التعامل مع هذا الموقف و لذلك انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام؛ القسم الأول هو قسم الأشخاص الذين لديهم مخزون ثقافي كافي لإتخاذ قراراً واضحاً منذ البداية لا يميلون عنه. القسم الثاني و هو السواد الأعظم من الناس هو قسم المترددون الذين إختلط عليهم ألحق بالباطل و ذلك ربما يعود غالباً لقلة ما لديهم من معلومات عن الواقع المصري أو بالاحرى ما لديهم من أفكار مستوحاه في معظم الاحيان من برامج التوك شو  أو بعض القراءات غير المتعمقة التي لا تتيح لهم إتخاذ القرار الصواب في الوقت المناسب. أما القسم الثالث هو القسم الهدام المستفز، ينتمي إلى هذا القسم هؤلاء الأشخاص الذين يتميزون بأهم صفة من صفات عصر مبارك و هي الفتي من أجل الفتي. هم لا يملكون أي مخزون ثقافي أو فكري و ليس لديهم أي مرجعية تتبنى ما يعرضوه من أفكار هاوية. قد يكون مرجعيتهم الوحيدة مثلا هي الكنيف أو المراحيض العامة لما يملكونه من  أفكار ذات روائح فواحة.

أرجو العلم بان الحوار الديمقراطي هو ما يقوم على الرأي و الرأي الآخر بمعني أن لكل رأي حجته و براهينه التي تؤيده سواء اقتنعت بها أم لم تقتنع، أما أن تكون هناك وجهة نظر تمتلك كل الحجج و البراهين واخرى ليس لديها سوى إسهال صاحبها، عفواً هذه ليست ديمقراطية و مجرد تناول هذا الحوار هو تضييع للوقت.

الآن يأتي السؤال كيف نجحت الثورة مع وجود هذا التفاوت الرهيب؟!! الاجابة ببساطة تكمن في قوة القسم الأول و مدى فاعليته و تأثيره على القسم الثاني بل و نشر التوعية اللازمة إلى هذا القسم حتى يتثنى له إتخاذ القرار الصواب، مما أدى إلى إلتفاف غالبية أفراد القسم الثاني الى القسم الاول و كونوا معاً كتلة كبيرة هائلة كانت هي المحرك أو دينامو ثورة التي يصعب مواجهتها بالفتي و الجعجعة.

المجتمع السليم و الصحي هو من يتكون أغلبيته من القسمين الأول و الثاني في هذا الحالة فقط يكون للحوار جدوى، أما من لا يفكر يمتلك وجهة نظر و يحارب من أجلها، هذا لن يؤدي إلا إلى إنحدار آخر نحن في غنى عنه. هذه هي اللحظة الذهبية لكل من كان يفضل الابتعاد عن الحياه السياسية و الخوض في معارك فكرية مختلفة، لقد حان وقت مشاركتك الفعلية، الوطن الآن في حاجة إلى كل  وجهة نظر  مبنية على رؤية سليمة و تفكير منطقي حتى نضع هذه الامة في المكانة التي تليق بها بين الامم.

4 comments:

  1. اسمحلي اولا وبلا مجاملات ان احييك علي عدم السفسطه والتكلف في طرح افكارك ...
    ثانيا من وجهه نظري المتواضعه وفكري المحدود البسيط كباقي العوام .. ان الثوره كانت نتاج فكر مثقف واعي -وهم القله التي توجد في مجتمعنا - واللذين جندوا الاغلبيه من محدودي الفكر للاحتشاد فقط بمعني (عشان تعمل انقلاب لازم كثره عدديه)... ولكن نرجع نقول ان ليس كل من هو قادر علي الهدم قادر علي البناء فالقله المخططون للثوره-اصحاب العقول- بعد الثوره فوجئوا بانهم اصبحوا بيحاربوا ليس فقط النظام الفاسد والقائمين عليه بل النظام الفاسد والشعب الفاسد ايضا... واعتقد..انالنزهاء المجردين من اي تيار دون حب مصر اصبحوا الان محاصرين من اولا الشعب الفسد الغير واعي ثانيا التيارات الدينيه ثاليا التيارات السياسيه رابعا القوي الخارجيه... ان كانت مصر خلعت ثوبها القديم الذي كان قيد لها فهي الان في حاجه الي ثوب جديد (اخاف اقول نظيف )يستر عوراتها

    ReplyDelete
  2. مع العلم انني لست من القسم الهدام المستفذ...لان هذا ما حدث بالفعل
    ولست من المضطربين فكرا ما بين مؤيد للثوره والمعارض .. لان الثوره لدي كانت بمثابه طوق نجاه

    ReplyDelete