Tuesday, March 22, 2011

دولة دينية أم دولة تعددية؟!؟

بدأ الخوف من وجود التيارات الدينية المختلفة في المجتمع المصري يزداد، خاصةً بعد الافراج عن الكثير من المعتقلين السياسيين للجماعات الاسلامية و الاخوان المسلمون و إستعادة النشاط السياسي للتيار السلفي من خلال المؤتمرات الشعبية و الدعوات العامة بعد عقود من الكبت و البطش برموز و قادة هذه الجماعات. هل هذا الخوف في محله؟! هل يجب حقاً محاربة هذه التيارات باعتبارها معادية للدولة المدنية المأمولة؟

الاخوان المسلمون و الجماعات الإسلامية و التيار السلفي يعتبرون جزءاً أصيلاً من المجتمع المصري لا يمكن تجاهله، تم بطشه و التعامل معه بمنتهى القسوة و الوحشية في خلال العصر البائد.


ترجع قوة التيار الديني في المجتمع المصري إلى عدة أسباب مختلفة؛ السبب الأول هو البطش الوحشي الذي كانت تتعامل معه أجهزة الدولة مع هذه التيارات الدينية بدعوة تعاونها مع جهات خارجية،سواء كانت حماس في غزة أو حزب الله في جنوب لبنان. هذا التعامل الوحشي، جعل منهم في نظر الكثيرين ابطالاً، إن كانوا في بعد الأحيان لا يستحقون هذه البطولة الوهمية.

السبب الثاني و هو بطبيعة الحال، ميل المصريين في عصر الرئيس المخلوع إلى مظاهر و أشكال التدين الزائف، هذا يعود عادةً إلى الفقر و الجهل و قلة الحيلة ،اللاتي كانوا هم سمات العصر المنقضي.

السبب الثالث هو القدرة الفائقة لدى هذه الجماعات بتسويق أنفسهم على انهم هم الضحية المسكينة دائماً، قدرتهم الهائلة على العمل السري مما جعلهم يتميزون بدقة متناهية، سواء في التنظيم أو الخطابة.

السبب الرابع هو الضعف و الهوان لدى التيارات الاخرى، التي كانت مستأنسة و تلعب دائماً في حظيرة الحزب الوطني السياسية، الآن وجدت نفسها في قلب المشهد السياسي دون أن يكون لديها الخبرة أو حتى القدرة على إستيعاب ذلك.

هذه الأسباب مجتمعة جعلت من هذه الجماعات الدينية الوحش أو الفزاعة التي نرهبه اليوم و تريد بعض القوى محاربته و القضاء عليه. مع دخول مصر في عصر جديد مبني على أسس الديمقراطية،

هل يمكن في العمل السياسي إقصاء طرف أو تيار من التيارات بدعوة التشدد أو التطرف؟ قبل الإجابة على هذا السؤال دعونا أولاً نرى أمثلة شبيهة في دول نفذت الأسس السليمة للديمقراطية منذ زمن بعيد.

تجد وقت الانتخابات التشريعية في ألمانيا و النمسا إنتشار للملصقات الداعية إلى القضاء على ظاهرة إنتشار الاسلام و المسلمين من تلك البلاد من قبل الأحزاب اليمينية المتشددة. حصل في الانتخابات البرلمانية قبل الأخيرة، الحزب اليميني المسمى بحزب الحرية و الديمقراطية على 15 مقعد من أصل 144 في البرلمان الهولندي، يرأس هذا الحزب جريت ولدرز صاحب الفيلم الشهير "فتنة"، الذي يعادي الاسلام علانية بل و يطالب بالتخلص من الاسلام برمته مثلما تخلصت أوربا من الفاشية و النازية و كل ذلك من أجل المحافظة على الهوية الهولندية و الأوروبية المسيحية.


تعني هذه الأمثلة عن وجود التيارات اليمينية المتشددة في المجتمعات الديمقراطية، لكن الفارق دائماً هو مدى تجاوب المواطنون مع هذا الحزب أو ذاك التيار و مدى شعبيته في المجتمع. الأمثلة السابق ذكرها، لم يحدث حصول هذه الأحزاب في يوم من الأيام على الأغلبية في البرلمان. هذا يعود دأئماً إلى الوعي الكافي لدى المواطنون أن التشدد الديني ليس بالضرورة هو الطريق من أجل تحقيق التقدم السياسي و الإقتصادي. أوربا المعادية إلى حد كبير للاسلام، لا ترى في دولها الديمقراطية فوز أحد الاحزاب اليمينية المتطرفة في صناديق الاقتراع و وصولهم إلى السلطة، بينما بلادنا الداعية إلى التسامح يسيطر على مجتمعاتها التشدد الديني.


التيارات الدينية في مصر تجد أرض خصبة للانتشار و التوغل في المجتمع، لما يتميز به المصريون من جهل و فقر من ناحية، و ما يتميز به التيارات الاخرى من ضعف و سوء تنظيم من ناحية أخرى، فقبل إلقاء اللوم على هذه الجماعات من بث افكارها في المجتمع، يجب أولاً بناء تيارات أخرى سواء ليبرالية أو يسارية على نفس القدر من القوة و التنظيم. لكي تشعر بهذا الفارق حاول ذكر 5 أسماء بارزة لكل من التيار الديني، التيار الليبرالي، التيار اليساري. عندما تستطيع حقاً القيام بذلك، يمكن القول اننا وصلنا إلى الهدف المنشود، من تمثيل للمجتمع المصري عبر تيارات سياسية مختلفة.

التوعية السياسية تبقى هي كلمة السر في المرحلة المقبلة، سواء عن طريق تقوية التيارات المختلفة كما ذكرنا في مواجهة التيار الديني، أو عن طريق إنشاء جمعيات أهلية تدعو إلى نشر الوعي السياسي وسط المجتمع، و توسيع رقعة المشاركة السياسية، أو الدعوة إلى حضور ندوات من أجل المشاركة في الجدل الفكري مع التيارات الحزبية المختلفة، حتى يتثنى لكل مواطن معرفة التوجهات المختلفة لكل تيار، و ملائمة كل تيار لفكره الشخصي.


يبقى أخيرا ملحوظة واحدة وجب ذكرها، هي العمد في عدم الفصل بين الاخوان المسلمين و الجماعات الاسلامية و التيار السلفي، لاعتقادي الشخصي بأن الاختلاف بينهم يأتي في الشكل و الخطاب السياسي، و ليس في المضمون أو التوجه.

2 comments:

  1. مارايك ايضا في بناء تمثلين بوذا ونسمح لإيران بالمد الشيعي حتي يكون عندنا تعدد أديان.:)
    في نقطه مهمة يا احمد , الالسلام دين ومنهج حياة. فعندما نريد إلا يكون هناك احزاب دينية ليس معني ذلك السماح بأنتشار أفكار غير إسلامية .
    فعلي كل الأحزاب أن يكون مرجعيتها الإسلام مع اختلاف السبل في تحقيق التنميةالتي لا تتعرض مع الإسلام ... إلا على الله السلام :)

    ReplyDelete
  2. I don't agree with Ahmed Hanafy's comment. The aim is to build a nation and not promote a religion. By achieving the former you implicitly promote the latter, but by promoting the latter will only work counter to the former. Always remember what Muhammed Abdo said after he visited Europe: "In Europe I saw no Muslims, -I saw Islam! In Egypt I see Muslims, I see no Islam!"

    ReplyDelete